سمعتُ وقرأت كثيراً عن ضعف الانتماء لدى أجيالٍ من الشباب، وبرغم ذلك، فقد انزعجت جدّاً حين تحداني شاب، قائلاً: أنا لا أجد معنى في دعوتك إلى الانتماء الوطني … لماذا أنتمي إلى الوطن؟ أي خير يعِدني به الوطن، كي أنتمي إليه؟ فليس من شَهِدَ كمن سَمِعَ... إذا شعر الشباب بأن الوطن لا يوزع الحب والرعاية لجميع أبنائه بالمساواة والعدل، ربما لا يساوي بينهم في المال، ولا في مزايا طبيعية كثيرة، ولكنه يساوي بينهم أمام القانون ويطبق عليهم معاملة واحدة ويهيئ لهم فرصاً واحدة، إذا شعر الشباب بهذه العدالة فقد يصبر على سوء حظه إلى حين، وقد ينتظر فرصته بدون كفر أو حقد، وأما إذا اختل ميزان العدل الذي هو أساس المُلك، فسوف يصادفك من يقول لك: أي خير يعِدني به الوطن حتى أنتمي إليه؟. ونحن في كل خطوة نفتقد هذا العدل: نفتقده في الطريق، في المصالح الحكومية، في المستشفيات، في الاختيار للوظائف، في شَغْل الوظائف الأعلى، في كل شيء توجد التفرِقة، حتى قتلنا قيمة الانتماء، كما قتلنا قيمة العمل، وبغير هاتين القيمتين لا يكون مجتمع، ولكن تَجَمُّع من الانتهازيين والفهلويين واليائسين.

Your Comment Comment Head Icon

Login