وقضيتي كانت أفدح. فأنا لا أرى ما مات فيّ. ولكني أرى أني لم أعش أبداً. أرى أن القالب الذي أفرغت فيه حياتي، إنما أعطاه لها الآخرون، ولست أنا الذي صغتها فيه، فأنا أشعر أن حياة هذا القالب، لم تكن حياتي الحقيقية. لقد أخذوني كأية مادة، أخذوا دماغاً وروحاً وعضلات وأعصاباً ولحماً، وعجنوها على النحو الذي يريدونه حتى تنجز أعمالاً، وتقوم بأفعال، وتطيع الواجبات التي أبحث عن نفسي فيها فلا أجدها.وأصرخ، وتصرخ روحي في هذه الهيئة الميتة التي لم تكن هيئتي أبداً. ولكن كيف، وفي نفسي سأم وحقد ورعب من هذا الرجل الذي لم أكنه. من هذا القالب المميت الذي يقيدني فلا أقدر على التحرر. إنه قالب مثقل بالواجبات التي أشعر أنها ليست واجباتي. مرهق بأعمال لا تهمني، متخذ كرمز للتقدير الذي لا أعرف ما أصنع به. إن هذه الواجبات والأعمال والتقدير والإحترام صور خارجة عن حقيقة نفسي، إنها أشياء ميتة، لا معنى لها، إلا أن تثقل كاهلي، وترهقني وتسحقني، ولا تدع لي الفرصة للتنفس. أتحرر؟؟ ولكن متى استطاع إنسان إلغاء الحقيقة الواقعة فينكر الموت عندما يأخذ بخناقه .. والحقيقة أنه مهما كان مسلكك في الحياة فلا بد أن تقيدك المحن التي يجرها عليك. وتحيط بك تلك المسؤولية التي أخذتها على عاتقك كنها الجو الخانق الكثيف. فكيف أستطيع التحرر، وأنا سجين هذا القالب الغريب الذي يمثلني كما أنا بالنسبة للجميع، وكما يعرفني ويحترمني الجميع؟إنني أعيش حياة مختلفة عن تلك الحقيقة التي أحلم بها. إنني أعيش حياتي في قالب أشعر أنه ميت وهو يعيش من أجل الآخرين. من أجل الذين رفعوه والذين يريدون له هذه الصورة .. فهو مرغم إذاً على أن يعمل من أجل زوجتي وأطفالي والمجتمع والسادة طلاب الحقوق في الجامعة والسادة العملاء الذين أودعوني الحياة والشرف والحرية والثروة. يعمل هكذا ولا أستطيع تغييره ولا أستطيع أن أركله بالأقدام وأزيحه وأتمرد عليه وأنتقم منه.
Your Comment